خمسة أسئلة تساعدك على تدريس المفاهيم الجديدة لطلابك

نقله للعربية: أشرف شوقي الرسول

يتعرض الطلاب باستمرار لمفاهيم جديدة في صفوفهم الدراسية، يسمعون بها للمرة الأولى فيشعر البعضُ منهم بالارتباك والحيرة لبعض الوقت لغرابة هذه المفاهيم، ويؤخر ذلك تقدمه في الدرس، ونحن المعلمين نضع هذه المسألة في اعتبارنا فنستخدم بعض الأدوات التي تيسر لنا ولطلابنا كسر الحواجز بينهم وبين الدروس الجديدة، ولعل أهم هذه الأدوات الأسئلة وراء المعرفية.

(يقصد بما وراء المعرفة: قدرة الفرد على التفكير في الشيء الذي يتعلمه وتحكمه في هذا التعلم، وبذلك تكون الأسئلة وراء المعرفية: أسئلة تساعد الطالب على التفكير في الشيء الذي يتعلمه مما يجعله يتحكم في عملية تعلمه)

تنسج المفاهيم الجديدة أمام أعين الطلاب أفكارًا غير واضحة يشعرون معها أن الدرسَ غامضٌ أو صعبٌ، غير منتبهين إلى كونه مرتبطًا بما يدرسون، ولا ينظرون إلى ما بعد الحصة الصفية من كونهم مطالبين بمذاكرته والاستعداد للاختبارات فيه، أو بشرحه في مهمات كتابية مثلاً. موضوع اليوم عن هذه الأسئلة وراء المعرفية وكيف تساعد طلابنا في تجاوز هذا الارتباك سريعًا من خلال إنشاء جسرٍ بين هذا المحتوى الجديد وبين ما تعلمه الطلاب من قبل.

تهدف هذه الأسئلة إلى وضع إطارٍ أكبر يسع المعارف الجديدة والقديمة للطلاب مما يؤدي إلى تقديم تعلم أعمق وأبقى، كما يوفر لهم فرصة امتلاك تعلمهم والتحكم فيه، بحيث يسع هذا الإطار المعارف المبنية على بعضها البعض في شكل سلسلة متصلة الحلقات تمتد عبر الوحدات التعليمية وتتصل بالخلفية المعرفية الحالية للطلاب.
وتتفق هذه الأسئلة مع ما يطالب به بعض التربويين من غرس عادات ما وراء المعرفة في المتعلمين من أجل التفكير بفاعلية في عملية تعلمهم وللوصول بهم إلى مرحلة "متعلمين مكتفين ذاتيًا"، وبتدريب الطلاب على التعامل مع المواد الجديدة وربطها بمعارفهم السابقة أو استثمارها في معالجة الخلل في هذه المعارف القديمة.

الأسئلة الخمسة

وفيما يلي خمسة أسئلة مستوحاة من تغريدة (TeachThought) قد نشرتها مجلة (Edutopia) لمساعدة المتعلمين على بناء عادات وراء معرفية للتفكير في المواد الجديدة والتعامل معها، ومساعدتهم على النمو كمتعلمين مستقلين.

السؤال الأول: 1 – ما الذي استوقفني، ما الذي أراه مُدهشًا؟
في حصة الرياضيات ومع بداية درسٍ جديد، تبدأ المعلمة بإجراء تمرين (ألاحظ/أتساءل)، حيث يقضي الطلاب الدقائق الأولى في استكشاف المادة وملاحظة الشيء الملفت لانتباههم فيها، تعلق المعلمة على هذا التمرين قائلةً "يساعدهم على التأني والتركيز فيما هو كائن أمامهم" وتضيف: "يسجلون ملاحظاتهم ثم يتحولون لأقرانهم لتعزيز ملاحظتهم واستدراك ما فاتهم".
يشكل هذا السؤال فرصة أمام الطلاب ليفكروا في هذه المادة تفكيرًا ناقدًا يساعدهم على تحديد نقاط القصور في معارفهم كما يساعد المعلمة على معرفة أين يحتاج طلابها الدعم والمساندة.

هل يجوز أن يأتي هذا السؤال المفتاح من المعلم؟
يحذر التربوي تيري هيك (writes educator Terry Heick) من ذلك حيث إن السؤال "ما الذي يستوقفنا؟" إذا جاء من المعلم قد يرسل للطلاب إشارة غير مقصودة بأن المعلم – من زاويته – قد لاحظ أمرًا ما ويريد اختبار الطلاب إن كانوا يرونه كذلك، وقد يرسل ذلك رسالة للطلاب مفادها أن الطالب الذي يلاحظ ذلك ذكي أما من لم يلاحظ فعليه الاستمرار في تخمين ما الذي يلاحظه المعلم، فهذا يبعد الطالب والمحتوى من محور العملية التعليمية فقط ويتجه بهما صوب التشتت.

السؤال الثاني: 2 – ما الجزئيات أو المصطلحات الجديدة بالنسبة لي؟ وما الجزئيات التي أعرفها بالفعل؟
ثمة فرق بين ما يظن الطلاب أنهم يعرفونه وبين ما يعرفونه حقًا، فالدراسات تشير إلى أنهم غالبًا ما يبالغون في تقدير مدى فهمهم للمادة، ومدى استعداداتهم للاختبارات والامتحانات. وهنا تكمن أهمية التحقق من معرفتهم الفعلية والتحقق من مزامنة هذه المعرفة مع المعلومات الجديدة وأهم وسيلة تمكنهم من ذلك هو التفكير النشط أثناء مواجهتهم لمواد تعليمية جديدة.

ولذلك تطالب التربوية ريبيكا ألبير – أستاذ في كلية الدراسات العليا للتعليم بجامعة كاليفورنيا، لوس أنجلوس – بتوفير المسؤولية الذاتية للطلاب عن تعلمهم عبر إنشاء مخطط لكل طالب في الصف الدراسي يصنف فيه المصطلحات التي تحتويها الوحدة الجديدة إلى معلومات "يعرفها" ومعلومات "يعرفها نوعًا ما" ومعلومات "لا يعرفها على الإطلاق" لأن هذا يرشد المعلم إلى النقاط التي تحتاج التركيز والعمل أكثر من غيرها.

السؤال الثالث: 3 – كيف يتصل هذا بما أعرفه حقًا؟
تشكل مقدمة الدرس الجديد حلقة وصل وفرصة للطلاب ليفكروا بصورة أعمق في العلاقة بين السابق والحالي، وفي الربط بين المعارف الجديدة ومعارفهم السابقة، ويجب على الطلاب التفكير بهذه الطريقة بانتظام، فيتوقف كل طالب ليسأل نفسه كيف يتلاءم هذا مع معلوماتي السابقة؟

وتقدم المستشارة التربوية كريبا سوندار طريقة أخرى لتطبيق هذه الفكرة عبر رسم خرائط مفاهيمية، فالرسوم البيانية تظهر العلاقات بين الأفكار والمعلومات ويتيح هذا الرسم تحديد ما يعرفه الطالب حقًا وتحديد الفجوات المعرفية كذلك، بالإضافة إلى توضيح العلاقات بين المفاهيم.

السؤال الرابع: 4 – ما الأسئلة التي تساعدني على المتابعة؟
قد يتردد الطلاب أحيانًا في طرح الأسئلة، أو قد يخفى عليهم أن شعورهم بالارتباك مصدره حاجتهم إلى المزيد من المعلومات، وللتغلب على هذا الأمر تطلب كيمبير لي دي تانر – أستاذ علم الأحياء في جامعة بايلور – من طلابها تعبئة بطاقات مفهرسة بذكر "ما الشيء الأكثر إرباكًا لي في المادة التي استكشفها اليوم؟" فتوفر هذه البطاقات أدوات قوية للطلاب لتحديد الأماكن الغامضة بالنسبة لهم.

كتبت تانر تقول: "الاستخدام المنتظم للنقاط الغامضة في الفصول الدراسية يعكس فكرة مفادها أن الارتباك جزءٌ من التعلم، وإن إظهار الارتباك ليس لإعلام المعلم فقط وإنما لإعلام الطلاب أنفسهم كذلك، فالطلاب يمكنهم استثمار هذه الارتباكات لتوجيه تعلمهم المستقل أو لتوليد أسئلة في جلسات المناقشة".

السؤال الخامس: 5 – ما أهمية هذه الفكرة أو هذا المفهوم الجديد؟
إن تشجيع الطلاب على التفكير بانتظام في أهمية تعلم مفهوم جديد أو مهارة جديدة، أو التفكير في ارتباطها بالعالم من حولهم يساعد الطلاب في العثور على روابطهم الخاصة بالمادة التعليمية واكتساب هدف خاص بهم من وراء هذه المادة يدفعهم للانخراط في هذا العمل، لأن البحث عن الدافع الداخلي يضمن دمج مشاركة الطالب في عملية التعلم، ولأن التركيز على المحفزات الداخلية سيمنح الطلاب الرغبة والانضباط والتفاني في التعلم." كما تذكر المعلمة كاثلين بيتش بورد.

يمكن توجيه الطلاب للإجابة عن هذا السؤال "ما أهمية هذه الفكرة؟" عبر مهمة كتابية صغيرة أو مناقشة صفية سريعة، وقد يساعد في ذلك الرسوم والأشكال التوضيحية كما تقترح ألبير، حيث تدعم هذه الرسوم توجيه تفكير الطلاب وتنظيم المعلومات المهمة في المحتوى الجديد.

وتبقى كلمة

هذه الأسئلة التي طرحها المقال لا تستخدم مجتمعةً وإنما ينتقي المعلم منها ما يتماشى مع خطته الدرسية ومع احتياجات طلابه، وكذلك نشير إلى أن هذه الأسئلة ليست الوحيدة التي تفي بهذا الغرض إنما جاء عرضها من باب تقديم الأمثلة وتبادل الأفكار.

النص الأصلي للمقال هنا.
صورة المقال هنا.


قيم المقال