الأسباب الخمسة لتدريس تاريخ الحوسبة

بقلم/ مروة قطب
ترجمة/ أشرف شوقي الرسول


ندرس مادة علوم الحوسبة في المؤسسات التعليمية ولكن قلّما تتطرق مناهجها لتاريخ هذا العلم ويقتصر ذكر هذا التاريخ في الأغلب على مبادرات شخصية من بعض المعلمين، وقد دفع ذلك بعضًا من الباحثين في هذا المجال للمطالبة بتدريس المنظور التاريخي للحوسبة بهدف تقديم فهم أوسع لها (Tedre & Denning، 2021 ؛ Impagliazzo، 2020)، وبهدف تقديم تأصيل وتأريخ لهذا العلم بما يحتويه من تجارب ثرية وملهمة مستمدة من نجاحات وإخفاقات مرت بها علوم تقنية الحوسبة، وفي هذا المقال نقدم لكم خمسة أسباب لدمج تاريخ الحوسبة في مناهج تدريسها.

السبب الأول: علم الحوسبة أقدم مما يظنه الطلاب

لكل فكرة أو نظام في الحوسبة رحلة طويلة قد تمتد لآلاف السنين، فمثلًا عندما يسافر المتعلمون عبر الزمن سيجدون أن التمثيل الثنائي* له جذور راسخة في مختلف الحضارات القديمة من خلال أنظمة العرافة والألعاب (Tedre & Denning, 2021)
*التمثيل الثنائي هو نظام عد أساسه الرقم 2 باستخدام أي رمزين أو حالتين مثل 0 و1 أو صح /خطأ أو تشغيل /إطفاء، ونظام العد الثنائي مستخدم عمليًا في كل الحواسب الحديثة بسبب سهولة تنفيذه.
زد على ذلك أن لمفاهيم التفكير الحوسبي المدرجة في المناهج جذور تاريخية تحتاج لتوضيح، فالخوارزميات “algorithms” مصطلح يعود إلى الحضارة البابلية القديمة (Tedre & Denning, 2021; Rapaport, 2020). وقد استخدمه البابليون بهذا الاسم نسبةً إلى الأساليب الحسابية التي أنشأها أبو عبد الله محمد بن موسى الخوارزمي، عالم الرياضيات الفارسي قبل حوالي 1200 عام.

السبب الثاني: الحوسبة من منظورٍ أكبر

فكر معي في إجابة هذا السؤال المحتمل من أحد الطلاب: "هل العالم عبر الإنترنت مجرد جزء من تاريخ الحوسبة، أو هو جزء من التاريخ الأوسع لمشاركة المعلومات، أو الاتصالات السلكية واللاسلكية؟" في رحلة بحث الطلاب عن إجابات ممكنة لهذا السؤال ستتضح لهم الصورة الأكبر وسيدركون أن الاختراعات تنتج عن تاريخ من التفاعلات بين البشر والمادة ونظريات المعرفة.

السبب الثالث: بناء الرؤية النقدية

إن اطلاع الطلاب على التحولات الكبيرة في هذا العلم من شأنه تعزيز التفكير النقدي لديهم، فيشجعهم على انتقاد بعض الظواهر مثل الثورات التكنولوجية مثلا (Impagliazzo, 2020). فإذا تناولنا بحث تورينج المنشور عام 1950 والذي يناقش فيه إمكانية التفكير الذاتي للحاسوب وربط هذا التفكير بظهور سيارات آلية وما يرتبط بذلك من نظريات التعلم العميق فقد تثير هذه التجربة في الطلاب التساؤلات عن الجوانب الأخلاقية التي تشغل الكثيرين حاليًا، وقد يحاولون الإجابة عن أسئلة من قبيل: هل يمثل الذكاء الاصطناعي خطرًا علينا؟ / هل هذه الاختراعات ستفعل بنا ما فعلته بالدكتور فرانكشتاين؟ / ماذا ستكون علاقتنا بهذه الاختراعات؟ ماذا عن الحقوق أو المسؤوليات؟

السبب الرابع: تجنب أخطاء الماضي

يقول الفيلسوف الإسباني جورج سانتايانا: "أولئك الذين لا يتذكرون ماضيهم محكومٌ عليهم بتكرار أخطائهم". إن تقديم التاريخ في تعليم الحوسبة يعلمنا دروسًا مستفادة ويحمينا من تكرار الأخطاء السابقة (Tedre & Denning, 2021)، علم طلابك عن فيروس موريس 1988 وكيف أضرت بثقة الناس في الشبكات والإنترنت ومهدت الطريق إلى الأمن السيبراني الحالي، ناقش مع طلابك طبيعة هذه المواد الضارة واستمراريتها رغم جهود المبرمجين.

السبب الخامس: الطبيعة التجريبية وشيوع ارتكاب الأخطاء

كباقي العلوم اعتمدت الحوسبة على التجارب التي أصابت أحيانًا وأخفقت أحايين أخرى، فما يبدو لنا نظامًا حوسبيًا مكتملًا اليوم هو نتاج سنوات عديدة من التجارب (Tedre & Denning, 2021)، فتجاهل تاريخ هذه الأنظمة يقلل من قصص نجاح اختراعات اليوم، احك لطلابك عن قصة (Grace Hopper) وعن قصة مصطلح الكمبيوتر ثم اربط ذلك كله بثقافة التجربة والخطأ ودورها في حل مشكلات الحوسبة وتصميم التقنيات الحديثة.

ختامًا، إن تدريس تاريخ الحوسبة يحمل قيمةً عظيمة ألا وهي تعزيز قدرة الطلاب على رؤية الحوسبة بصورة أكبر مما يؤدي لفهمٍ أعمق لتعاون الحوسبة مع التخصصات الأخرى، بالإضافة إلى ذلك فقد يكون للقصص التاريخية عن علم الحوسبة دور في زيادة اهتمام الطلاب بوظائفها المهنية.

رابط المقال من هنا
صورة المقال من هنا
قيم المقال