ما التعليم المتمايز، ولماذا التمايز؟

أعده لكم فريق تحرير تــعــلــيــم

كالعادة يقف معلم التاريخ بين طلابه لتنفيذ درسه بعد أن أنفق الوقت يخطط لاستخدام الصور والجداول البيانية كوسيلة تعليمية تساعده على توصيل المعلومات التي يحتويها النص المقرر لطلابه الثلاثين كلهم، وقد أنفق الوقت كذلك يحضر لتقييم هؤلاء الطلاب في نهاية الحصة عبر مجموعة أسئلة مقالية، وبنهاية الدرس يجد أن نتيجة تحقيق الأهداف التعليمية في الحصة متدنية وغير مرضية، فما السبب؟

تنوع الطلاب أمر عادي وواضح في الصفوف الدراسية يؤمن به المدرسون، ويدركه معظم الأطفال في سنتهم الأولى من المدرسة فيلاحظون ما يدور حولهم ويستطيعون تقييم مستواهم التعليمي والمهاراتي وعقد المقارنات بينهم وبين أقرانهم في الفصل فيما يتعلق بالمهارات التعليمية والإدراكية. ورغم اهتمام المدرسين بهذا التنوع نجد أن البعض منهم - وقت التخطيط والتنفيذ للدروس - لا يراعي احتياجات الطلاب الفعلية المبنية على هذا التنوع، فيميل إلى استخدام نهج التعليم الوسط أو نهج الأسلوب الواحد الذي يناسب الجميع وبذلك يؤدي الطلاب جميعهم المهام نفسها. وعادةً ما يقود هذا النهج إلى نتائج محبطة لدى العديد من الطلاب الذين يجدون العمل صعبًا وبالتالي مملًا، ولدى العديد من المعلمين كذلك لأنهم لا يصلون إلى كل طالب، لذلك، وبالبحث اكتشف العديد من المعلمين أنه يمكنهم تلبية الاحتياجات المتنوعة لطلابهم بشكل أفضل من خلال التعليم المتمايز.

جاء التعليم المتمايز بسبب الحاجة إلى التركيز المتوازن بين الطلاب رغم تنوعهم واختلافهم كمتعلمين من حيث الخبرة الحياتية، والثقافة، والاهتمامات، والاستعداد للتعلم، وأنماط التعلم، وسرعة التعلم، والاستقلالية في التعلم، ومجموعة من الاختلافات الأخرى، وبذلك يراعي جميع الطلاب وتلبية رغباتهم التعليمية جميعًا، فهدف التعليم المتمايز الأساسي هو مضاعفة نمو جميع الطلاب والنظر فيما يريده كل طالب من أجل تحقيق التقدم المطلوب وما يحتاجه كل معلم من أجل الوصول بالطالب إلى هذا التقدم.

ما التعليم المتمايز؟

* كارول آن توملينسون" الخبيرة في هذا النمط التعليمي تقول إن التعليم المتمايز هو مراعاة المعلم للاختلافات والتباين في استعداد الطلاب واهتماماتهم، وذلك بخلق مسارات تعلمية متنوعة تتيح فرصًا أعمق للتعلم لكل الطلاب، ويكسر لدى الطلاب حاجز الملل أو القلق.

أمثلة على التعلم المتمايز:

ولكن كيف يراعي المعلم هذه التنوعات وكيف يخطط وينفذ الحصة في ظل التعليم المتمايز؟ يمكن للمعلم ذلك من خلال (تنوع المحتويات التعليمية. / تنوع طرائق التدريس. / تنوع طرائق التقييم. / تنوع بيئات التعلم).
وبالعودة إلى زميلنا مدرس التاريخ الذي ذكرناه في مقدمة المقال فيمكنه تقديم التعليم المتمايز في حصته عبر تنويع عناصرها كما في المثال التالي:

تنوع المحتوى:
1. تزويد الطلاب بكتب مختلفة - حسب اهتماماتهم - تعالج الموضوع.
2. السماح لكل طالب باختيار شخصية تاريخية للدراسة للفترة الدراسية موضوع الدراسة.

تنوع طرائق التدريس:
1. تعليم المفاهيم نفسها أو المهارات الأساسية، مع تقديمها بمستويات مختلفة من التبسيط والتعقيد حسب مستويات الطلاب.
2. تحويل المواد المكتوبة إلى مقاطع صوتية بحيث يمكن تقديمها من خلال أساليب التعلم السمعي والبصري.
3. السماح للطلاب بالتعلم وفقًا لأسلوب التعلم المفضل لديهم، مثل السماح لهم بالاختيار بين مشاهدة مقاطع الفيديو وقراءة الكتب ورواية قصة.

تنوع طرائق التقييم:
1. السماح للطلاب باختيار كيفية تقديم عملهم، على سبيل المثال من خلال مقطع فيديو، أو عرض، أو مقال، أو ملصق.
2. استخدام نماذج تقييم مختلفة حسب مستوى الطلاب.
3. منح الطلاب الاختيار بين تقديم عملهم كمجموعة أو بشكل فردي.

تنوع بيئات التعلم:
1. السماح للطلاب بالاختيار بين الدراسة عبر الإنترنت أو شخصيًا.
2. توفير مكاتب وقوف ومقاعد للطلاب ذوي الاحتياجات المختلفة.

مع كل هذه التنويعات لا بد أن نشير إلى أن كارول آن توملينسون" تحذر من أن التعليم المتمايز ليس تعليمًا فرديًا وقد يكون للطلاب خيارين أو ثلاث خيارات في بعض الأيام، ولكن ليس أكثر من ذلك.

أهم خصائص التعليم المتمايز:

تشير كارول آن توملينسون (2001) إلى أن للتعليم المتمايز الخصائص التالية
التعليم المتمايز استباقي: تخطيط المعلم بشكل استباقي لتلبية احتياجات الطلاب التعليمية بدلًا من تعديل الخطة.
التعليم المتمايز نوعي: فهو يتطلب التركيز على نوعية وجودة المهمة وليس على كمية المهام الموجهة للطالب.
التعليم المتمايز يعتمد على التقييم المستمر: فمن أجل تصميم مسارات تعليمية متمايزة تلبي الاحتياجات التعليمية المختلفة للطلاب لابد من معرفة جميع الطلاب جيدًا عبر الملاحظة والمناقشة والاختبارات لتصميم وتعديل تجارب تعليمية لكل طالب ثم يقاس تقدم الطالب بعد هذه التجربة التعليمية لرصد مدى التقدم.
التعليم المتمايز يقدم أشكالا مختلفة للمحتوى وطريقة التدريس والمنتج التعليمي: فهو يعدل أربعة عناصر - المحتوى (ما يتعلمه الطلاب)، طريقة التدريس (كيف يفهم الطلاب المعلومات والأفكار)، الناتج التعليمي (كيف يظهرون ما تعلموه)
التعليم المتمايز يركز على الطالب: تستند المهام إلى المعرفة السابقة للطلاب وهي مصممة بمستوى التحدي وبمستوى السرعة المناسب لكل لطالب.
التعليم المتمايز ينوع التعليمات: يستخدم المعلم مجموعة متنوعة من الاستراتيجيات التعليمية المرنة التي تشمل الصف بأكمله والمجموعات المختلفة والعمل الفردي كذلك.
التعليم المتمايز طبيعي وغير متكلف: يكون التدريس فيه عبارة عن تفاعل وتعاون بين الطلاب والمعلم.

أفكار خاطئة عن التعليم المتمايز:

برغم فهم معظم المدرسيين لطبيعة التعليم المتمايز إلا أنه مازال هناك بعض سوء الفهم عن طبيعة التعليم المتمايز،
يظن البعض أن التمايز هو مجموعة من الاستراتيجيات التعليمية والحقيقة أن التمايز هو فلسفة ومجموعة من المبادئ
يظن البعض أن التعليم المتمايز يطلب قيادات التعليم تطبيقه من المعلمين والحقيقة أن التمايز ينبع من إعادة التفكير في أنشطة الفصل وتحديد النتائج والتعديل في الفصل نفسه.
يظن البعض أن التعليم المتمايز هو عمل إضافي قد يطبقه أو لا يطبقه المعلم والحقيقة أن معظم المدرسيين أصحاب الخبرة يركزون على اختلافات الطلاب ويرون أن هذا عملا أساسيًا في الصف، والعديد منهم يضع خطط تعليمية بشكل استباقي لمعالجة هذه الاختلافات بين الطلاب.
يظن البعض أن مفهوم التمايز يقتصر على التعليمات فقط والحقيقة أن بالرغم من أن التمايز نهج تعليمي إلا أنه يركز على بيئة التعليم وجودة المنهج وطريقة التعلم ومدى استفادة الطالب نفسه.

في الأخير نذكر أن التعليم المتمايز هو طريقة للتفكير في التعليم والتدريس، كما أنه يوجه التخطيط التعليمي لاحتياجات الطلاب التعليمية المتنوعة والاستجابة لها.

مصادر المقال:
?What Is Differentiated Instruction and Why Differentiate
Differentiated Instruction – Examples For Teachers
أنماط المتعلمين المختلفة ووسائل التعامل معها
الذكاءات المتعددة في التعليم
مصدر الصورة: Sean D on Unsplash
قيم المقال