هل لغياب التواصل البصري آثارٌ سلبية في التعليم الإلكتروني؟

ما أجمل أن تتذكر معلما أثر فيك بكلمةٍ، بمعلومةٍ، أو حتى بنظرة؛ بنظرةٍ للتشجيع عند تفوقك أو بنظرةٍ ودودة عند تعثرك مفادها أكمل إني معك، إني أراك وأسمعك. هذه الحميمية في التواصل مع المعلم من شأنها أن ترفع مستوى الحافزية لدى المتعلم وتدفعه إلى حب التعلم. ولعل من أهم أركان العلاقة المتينة بين المعلم وطلابه التواصل البصري.

فوائد التواصل البصري في التعليم


لقد أعطى بعض التربويين التواصل البصري أهمية كبرى حيث إنه ينقل جزءًا كبيرًا من الرسائل المتبادلة بين المعلم وطلابه فتنقل للمعلم درجة فهم الطالب للمعلومة واندماجه في النشاط الدراسي، وتنقل للطلاب رسائل غير منطوقة من معلمهم تبين لهم ما يجب عليهم فعله وما يجب عليهم الكف عن فعله، وتبين لهم أمارات سعادته بإنجازاتهم أو علامات حزنه وقلقه على عثراتهم، فالعيون التي هي نوافذ الروح لا تتوقف في الصف الدراسي عن بث واستقبال رسائل غير لفظية بين جميع الأطراف. والتواصل البصري أداة من أدوات الإدارة الصفية لدى المعلم يعول عليها في ضبط صفه ويصفها لينسين (Linsin, 2009) بأنها وسيلة امتلاك تأثير كبير على الطلاب.

التواصل البصري والتعليم الإلكتروني


أما الآن وقد أصبح التعليم الإلكتروني بأنواعه أمرًا واقعًا – فرضًا أو اختيارًا – وغاب التواصل البصري وحل محله التواصل من وراء الأجهزة المحمولة بين المعلم والمتعلم نسأل: هل يؤثر غياب التواصل البصري سلبًا على عملية التعليم؟ وإن كان الأمر كذلك ما الحلول المقترحة للتغلب على هذه المشكلة؟

يقدم التعليم الإلكتروني مزايا عدة لا يمكن إهمالها، فهو يوفر الزمن ويتغلب على المسافات ويتيح للمعلم الإمكانات اللازمة لضبط المحتوى وتنظيمه، فيمكن للمعلم إعادة تسجيل وصنع الفيديو التعليمي أكثر من مرة لضبط العناصر الفنية في المقطع، ويمكنه اختيار الوقت والمكان المناسب ورفع الإضاءة والصوت مما يوفر دروسا عالية الجودة من شأنها أن تحث الطالب على التركيز. ولكن بالرغم من ذلك كله تبقى مشكلة غياب التواصل البصري في الإلكتروني قائمة يصعب حلها. وهذا الاستنتاج مدعوم بنتائج دراسات توصل لها باحثون في مجال التعليم، فلقد سألت جيسيكا الفريس" الطلاب عن مدى رضاهم عن التعليم الإلكتروني وعن المشاكل التي تواجههم في مبادرة عرفت باسم "أنسنة التعليم الإلكتروني" فكانت الإجابات بأن المشكلة الرئيسة هي غياب التواصل الفعال بين الطلاب والمعلم، وعدم وجود شخص قائم بالعملية التعليمية يسأل ويجيب مما يشعرهم بالعزلة والملل. فكيف إذن نتغلب على هذه المشكلة؟

بدائل التواصل البصري في التعليم عن بعد


التواصل البصري الفعال يُشعِر المتعلم بأنه الجزء الرئيس في العملية التعليمية وليس مجرد متلقٍ، ما يدفعه إلى الانتباه، الإدلاء برأيه والبحث والتفكر لاستنباط المعلومة، وبناء على ذلك يمكن اتباع الحلول المقترحة التالية:

• في التعليم غير المتزامن – الذي يسجل ويتاح للطالب لمراجعته في أي وقت – يعرف المعلم بنفسه مع بداية المساق مما يدفع الطلاب إلى الإحساس بالثقة في المعلم وفي المعلومة المقدمة إليهم، والشعور بالألفة يطلب المعلم من الطلاب التعريف بأنفسهم قبل بدأ المساق هذا التعريف المبدئي يكسر حاجز الجليد بينهم وبين المعلم، ويعمل على خلق نوع من الود بين الطلاب وبعضهم، ويفضل أن يتطرق للسؤال عن توقعاتهم بشأن المساق وأمنياتهم حول المستقبل، وكيفية تطويع هذه المعلومات للاستخدام في الحياة العملية.
• في التعليم المتزامن – الذي يتطلب تواصل المعلم مع طلابه في نفس الوقت من خلال صفوف افتراضية أو وسائل اتصال مختلفة – من المفيد فتح الكاميرات مع أخذ الترتيبات اللازمة لذلك من قبل المعلم والمتعلمين وأسرهم. كذلك على المعلم أن ينادي أسماء طلابه بشكل عشوائي على مدار الحصة للحفاظ على انتباههم معه وتركيزهم في الدرس.
• في التعليم المتزامن وغير المتزامن يحرص المعلم على المناقشات والإجابة عن تساؤلات الطلبة المختلفة، فالإجابة على أسئلة الطلاب من شأنها أن تثير شغفهم تجاه المادة التعليمية مدى الحياة.
• يفضل أن يطلب المعلم نشاطات جماعية من الطلبة كأن يتواصلوا فيما بينهم بعد انتهاء الدرس لتعم الاستفادة وللقضاء على الإحساس بالعزلة.
• أن يتيح المعلم فرصة للتواصل الفردي بينه وبين الطلبة في أوقات أو ساعات معينة للتعرف على المشاكل التي تواجههم، فالنظر إلى صعوبات التعلم بعيونهم سيساعده في تطوير المادة العلمية.

دور الأسرة


وللأهل دور في تعويض أبنائهم عن غياب التواصل البصري مع المعلمين في عملية التعليم عن بعد، فيجب على الآباء حث أبناءهم على المشاركة وفتح الكاميرات للتواصل مع المعلم ومتابعة الأبناء أثناء الدراسة بعين فاحصة، يقول ميندز (Minds ، 2016) أن كل حركة للعين تشير إلى بعض المشاعر والحالة المزاجية ولها أهميتها ... فالنظر للأعلى، والنظر إلى الأسفل، والنظر إلى الجانب، والتحديق، والنظرة الخاطفة، والمتابعة، والتواصل بالعين، وقطع الاتصال بالعين، والتواصل البصري الطويل، والتواصل البصري المحدود وما إلى ذلك من حركات تحمل المعاني المختلفة التي لابد من الأهل للبحث عنها من خلال مراقبة تعابير وجه الأبناء للوقوف على مدى استيعابهم وانسجاهم مع الحصص.
يمكننا الجزم بأهمية التواصل البصري في التعلُّم، وبالتأثير السلبي لغيابه كذلك ويمكننا أيضا الجزم بأهمية التعليم عن بعد وبأنه طوق النجاة لحالات كثيرة يتعذر فيها التعليم التقليدي ونحن في هذه المقالة نطمح للجمع بين مزايا التعليم الإلكتروني من جودة المحتوى والصوت والإضاءة والمرونة، وبدائل التواصل البصري والتي تضمن حسن التواصل والفهم والاستيعاب الذي كان يؤديه التواصل البصري.

المصادر:
https://www.researchgate.net/publication/
311913774_
EYE_CONTACT_AS_THE_MOST_POWERFUL_WAY_FOR_CLASSROOM_MANAGEMENT

قيم المقال